منتدى القرايفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لكل أهالي القرايفة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البعث والحشر والحساب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
قرفي نجيب
مدير عام
مدير عام
قرفي نجيب


عدد المساهمات : 106
تاريخ التسجيل : 05/09/2011
العمر : 29

البعث والحشر والحساب Empty
مُساهمةموضوع: البعث والحشر والحساب   البعث والحشر والحساب Icon_minitimeالسبت سبتمبر 10, 2011 9:57 pm

البعث والحشر والحساب



هناك أموراً نعرفها جميعاً، ونؤمن بها ونعتقد حدوثها لكن مع
زحمة الحياة، وكثرة المشاغل، والنفس والهوى والشيطان، وكثير من الأسباب الأخرى التي
تتجاذب الإنسان، تجعله ليس كثيراً من هذه المسلمات والحقائق. لذا، فكم نحن بحاجة
إلى أن يذكر بعضناً بعضاً بهذه الأمور. ومن أهم هذه الأشياء التي تشاغلنا عنها، ما
نحن مقدمون عليه بعد الموت. أمور عظيمة، وأحداث هائلة، سوف يمر بها كل واحد منا،
فلا أدري هل تأهبنا لها.
أيها المسلمون: إننا مقدمون على أمور عظيمة وأحداث هائلة يوم القيامة ينبغي أن تكون
منا على بالٍ دائماً وأن نستعد لها. ويسبق ذلك أحداث سوف تغير أشياء كثيرة في هذا
الكون فتنشق السماء، وتتناثر النجوم، وتتصادم الكواكب وتتفتت الأرض، وتغدو صعيداً
جرزاً، وتصبح الجبال كثيباً مهيلاً، {يَوْمَ تُبَدَّلُ
الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ
الْقَهَّارِ} [(48)
سورة إبراهيم]. ويكون هذا على أثر
النفخة الأولى، ينفخها إسرافيل بأمر ربه، فيصعق كلُ من في السماوات ومن في الأرض
إلا ما شاء الله، قال الله -عز وجل-: {وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء
اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ}
[(68) سورة الزمر]
وقال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ
وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً *
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ
وَاهِيَةٌ} [(13- 16)
سورة الحاقة]. وروى البخاري في
صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
((يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك،
أين ملوك الأرض)).
ثم يكون بعد ذلك النفخة الثانية وقد أشار الله -عز وجل- إلى النفخة الأولى والثانية
من قوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا
الرَّادِفَةُ} [(6- 7) سورة
النازعات] فالراجفة كما يقول ابن
عباس: هي النفخة الأولى، والرادفة هي الثانية. فتعود الحياة إلى الأجساد الميتة،
وهذا هو يوم البعث وهو إعادة الإنسان روحاً وجسداً كما كان في الدنيا، ثم يُخرج
الله الناسَ من الأجداث أحياء فيقول الكفار والمنافقون حينئذٍ:
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا
هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}
[(52) سورة يــس]
ويقول المؤمنون: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ
الْمُرْسَلُونَ} [(52)
سورة يــس]. وقد ورد في الأحاديث
الصحيحة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أول من يخرج من قبره فقد روى البخاري في
صحيحه أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((يصعق الناس حين
يصعقون فأكون أول من قام، فإذا موسى آخد بالعرش، فما أدري أكان فيمن صعق)).
ثم بعد ذلك يقوم الملائكة بحشر الخلائق إلى الموقف.
{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ
الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}
[(85- 86) سورة مريم].
والحشر يا عباد الله هو سوق الناس جميعاً إلى الموقف، وهو المكان الذي يقفون فيه
انتظاراً لفصل القضاء بينهم. فبعد بعث الناس يأمر الله ملائكته فتسوقهم إلى الموقف،
وحالهم كما خلقوا أول مرة: حفاة غير منتعلين، عراة غير مكتسين، غرلاً غير مختتنين،
فقد صح عن عائشة -رضي الله عنها- فيما اتفق عليه الشيخان أنها قالت: سمعت رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة
عراة غرلاً. قلت: يا رسول الله، ينظر بعضهم إلى بعض؟قال -صلى الله عليه وسلم- يا
عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض)). وروى ابن عباس -رضي الله
عنهما- قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((يا
أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلاً، ثم قال: كما بدأنا أول خلق
نعيده، وعداً علينا إنا كنا فاعلين..إلى آخر الآية، ثم قال: ألا وإن أول الخلائق
يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال
فأقول: يارب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد
الصالح-أي عيسى عليه السلام- وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت
الرقيب عليهم، فيقال:إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم))
[رواه البخاري].
عباد الله: ومن الموقف يصيب الخلائق كرب شديد، فقد روى المقداد بن الأسود عن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((تدنى الشمس يوم
القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق،
فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه،
ومنهم من يُلجمه العرق إلجاماً. وأشار -صلى الله عليه وسلم- بيده إلى فيه))
[رواه مسلم].
وفي أثناء ذلك يكون أناس تحت الظل الذي يخلقه الله تحت ظل العرش كما أخبر المصطفى
-عليه الصلاة والسلام- فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة وأبي
سعيد -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل،
وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا
عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأةٌ ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق
بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت
عيناه)). فإذا اشتد الأمر بالناس، وعظم بهم الكرب في هذا الموقف العظيم
استشفعوا إلى الله -عز وجل- بالرسل والأنبياء أن ينقذهم مما هم فيه، ويُعجل لهم فصل
القضاء، وكل رسول يحيلهم على من بعده، حتى يأتوا نبينا محمداً -صلى الله عليه
وسلم-، فيشفع فيهم وهذه هي الشفاعة العظمى الخاصة بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-
من بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، عليهم الصلاة والسلام، وهي من المقام
المحمود الذي وعد به الرسول -عليه الصلاة والسلام- في قوله تعالى:
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ
عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}
[(79) سورة الإسراء]
فينصرف الناس بعد ذلك إلى فصل القضاء. وعندها يجازى كلُ إنسان بما كسب في الحياة
الدنيا من خير أو شر قال تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَاء
بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا
كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
[(89- 90) سورة النمل] وقال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -عز وجل-: ((يا
عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله،
ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)).
وهناك تنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد، خيرها وشرها وهو ميزان حقيقي له لسان
وكفتان، وهذا إظهار لعدل الله -عز وجل- قال تعالى:
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى
بِنَا حَاسِبِينَ}
[(47) سورة الأنبياء] وقال تعالى:
{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ
مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا
يِظْلِمُونَ} [(8- 9)
سورة الأعراف]. وقال أيضاً:
{فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي
عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}
[(6- 9) سورة القارعة]
فتوضع الحسنات في كفه والسيئات في كفه فمن ثقل ميزان حسناته كان من المفلحين
الفائزين ومن ثقل ميزان سيئاته والعياذ بالله كان من الخائبين الخاسرين، وفي ذلك
قال الإمام ابن القيم في نونيته:



أفما تصدقُ أن أعمال العباد *** تُحط يوم
العرض في الميزان
وكذلك تثقل تارة ويخف أخرى *** ذاك في القرآن ذو تبيان
وله لسانٌ كفتان تقيمه *** والكفتان إليه ناظرتان
ما ذاك أمراً معنوياً بل هو *** المحسوس حقاً عند ذي الإيمان

عباد الله: ثم تنشر الدواوين بعد ذلك وهي
صحائف الأعمال فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله
مسروراً، وأما من أوتي كتابه بشماله فسوف يدعو ثبوراً، ويصلى سعيراً، ويقول يا
ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه. قال تعالى:
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ
وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً
وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا
يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}
[(49) سورة الكهف].
ثم بعد ذلك يُعرض الناس على ربهم وتقام عليهم الحجج ويطلعون على أعمالهم، ويقرءون
صحفهم فيجب أن نؤمن يا عباد الله بالعرض والحساب، وقراءة الكتاب فجميعها حقٌ، دل
عليها الكتاب والسنة قال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ
الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ
عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ *
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}
[(15- 18) سورة الحاقة].
وقال تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ
جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن
نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا}
[(48) سورة الكهف].
فيجب على كل مسلم أن يؤمن بأن كل عبد يعرض على ربه، فيتولى -سبحانه وتعالى- حسابه
بنفسه وبدون وساطة، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه
وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما
قدم وينظر أمامه فلا يرى إلا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة)). فإن كان من
أهل النجاة وهو الذي يؤتى كتابه بيمينه، تجاوز الله عن ذنوبه ولم يناقشه الحساب،
وأدخله الجنة، ولم يعذبه بالنار، فنسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا من هؤلاء، وأما من
كثرت معاصيه والعياذ بالله وأوتي كتابه بشماله فذلك الذي يناقش الحساب، ويسأل عن كل
صغيرة وكبيرة، فقد حدثت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقلت يا رسول
الله: أليس قد قال الله: فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً؟ فقال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنما ذلك العرض، وليس أحدٌ يناقش الحساب يوم
القيامة إلا عذب)) والمراد بالمناقشة: الاستقصاء في المحاسبة، والمطالبة
بالجليل والحقير وترك المسامحة - كما ذكر صاحب الفتح - وأما عن كيفية الحساب فنؤمن
بما ورد في القرآن عنها وفي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نزيد ولا ننقص،
ولا نسأل عن أكثر مما ورد. فنؤمن أن الله -سبحانه وتعالى- يذكرّ كل عبد بما قدمه في
الحياة الدنيا من خير أو شر، ويشهد على العباد جميع من يستشهدهم الله عليهم فتشهد
الأرض بما حدث على ظهرها، قال -عز وجل-: {إِذَا
زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا *
وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ
رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا
أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
[(1- سورة الزلزلة].
فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((قرأ رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- "يومئذٍ تحدث أخبارها" فقال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله
ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمه بما عمل على ظهرها، أن
تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا قال: فهذه أخبارها)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو
الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله..
أما بعد: ومما يشهده الله -عز وجل- على عباده أيضاً في ذلك اليوم أعضاء الإنسان: من
الألسنة والأيدي والأرجل والجلود وغيرها. وقد أخبر الله -عز وجل- أن أعداء الله
يحاورون مع هذه الأعضاء قال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ
أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا
شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا
أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ
مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
[(19- 21) سورة فصلت].
وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قيل له:
((كيف سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في النجوى
أي (مناجاة الله لعبده المؤمن في الآخرة)؟ قال: سمعته يقول: يدنو أحدكم من ربه، حتى
يضع كنفه عليه، فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول نعم ويقول: أعملت كذا وكذا، فيقول:
نعم. فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، ثم يعطى
صحيفة حسناته. وأما الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم
ألا لعنة الله على الظالمين)).
عباد الله: وبعد الحساب والعرض والميزان ينصرف الناس من الموقف، ليمروا فوق الصراط.
وهو الجسر المنصوب على جهنم وجاء في وصفه أنه أدق من الشعر وأحد من السيف، وكل
إنسان سواء كان طريقه إلى الجنة أو النار والعياذ بالله لا بد وأن يمر على الصراط.
والمرور على الصراط عام لجميع الناس: الأنبياء والصديقين والمؤمنين، ومن يحاسب ومن
لا يحاسب. إلا الكفار ومن استقام على صراط الله الذي هو دين الحق في الدنيا، استقام
على هذا الصراط في الآخرة، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن الناس يمرون عليه بقدر
أعمالهم في الدنيا. فمنهم من يمر كانقضاض الكواكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من
يمر كالطرف، ومنهم من يرمل رملاً، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر المقل في العمل
الصالح، تخّر يد وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق أخرى. وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من
حديث طويل لأبي هريرة -رضي الله عنه-، حتى يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في آخر
الحديث: ((ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول
من يجيز، ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذٍ:اللهم سلم سلم)).
إذا كان الرسل يا عباد الله وهم مضمون لهم الجنة يقولون على الصراط اللهم سلم اللهم
سلم. فماذا يقول غيرهم. ماذا يقول ذلك الذي لم يأتمر بأوامر الله -عز وجل- ولم ينته
عن نواهيه، ماذا يقول ذلك المتهاون المتكاسل عن صلاته، يصلي واحدة ويترك أخرى. بل
ماذا يقول النائم عن صلاة الفجر، المؤذن يقول الصلاة خير من النوم، وهو يقول النوم
خير من الصلاة. وإن لم يقلها بلسانه فإنه قد قالها بفعله، وماذا يقول الآباء الذين
تهاونوا في تربية أولادهم إلى حد التفريط وانشغلوا في دنياهم. بل ماذا يقول ذلك
الموظف الذي استغل منصبه لجلب منفعة لشخصه أو لأقاربه، بل ماذا يقول علماء الأمة
الذين تركوا النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم إلا من رحم ربي
وقليلاً ما هم.
وماذا يقول المرابي، وماذا يقول المقامر، وماذا يقول الظالم، وماذا يقول وماذا يقول
وماذا يقول اللهم سلم، اللهم سلم، اللهم سلم.
عباد الله: والمرور على الصراط هو الورود المذكور في قوله تعالى:
{وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ
حَتْمًا مَّقْضِيًّا}
[(71) سورة مريم]. فإنه لا ينجو
منه أحد كما روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد، الذين
بايعوا تحتها، فقالت حفصة:"وإن منكم إلا واردها" فقال النبي -صلى الله عليه
وسلم-:"قد قال الله -عز وجل-:"ثم ينجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا"))
فأشار -عليه الصلاة والسلام- إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها فالجميع يمرون من
فوق جهنم فوق الصراط، وينجي الله المؤمنين، ويذر الظالمين فيها جثيا، ثم إذا عبر
المؤمنون الصراط، وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقتص من بعضهم لبعض، فإذا
هذبوا أذن لهم في دخول الجنة، روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- فيما أخرجه
البخاري في صحيحه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
((يَخْلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين
الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا
ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسُ محمد بيده لأجدهم أهدى بمنزله في الجنة
منه بمنزلة كان في الدنيا)).
فنسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من أهل الجنة إنه ولي
ذلك والقادر عليه. اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا، وتجمع بها شملنا، وتلم
بها شعثنا، وترد بها الفتن عنا، وتصلح بها ديننا، وتحفظ بها غائبنا، وترفع بها
شاهدنا، وتزكي بها علمنا، وتبيض بها وجوهنا، وتلم بها رشدنا، وتعصمنا بها من كل
شيء.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://guerfi.yoo7.com
 
البعث والحشر والحساب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى القرايفة :: المنتديات الاسلامية :: ركن المواضيع الدينية-
انتقل الى: